تفجر الأوضاع السياسية في السودان بوتيرته المتسارعة خلال أيام معدودة؛ تعثرت الأمثال وعجزت الحواديت عن وصفه، فهل بلاد النيلين على صفيح ساخن أم على فوهة بركان أم حضارة تُسحق بين حجري رحى جنرالين متحاربين على كرسي السلطة؛ توعد أحدهما بأنه لن يخرج إلا على نعشه وتوعد الآخر أنه لن يخرج إلا لقبره! المسألة اليوم ليست صراعاً على العرش فحسب بل إن المشهد الإقليمي موعود بأيام عصيبة سوف تمتد إلى مياه النيل وأمن البحر الأحمر، ناهيك عن التنظيمات الإرهابية كالقاعدة وداعش التي تنتظر الملاذ المحصن تحت أنقاض الدمار السوداني!
مرت السودان منذ استقلالها بحروب أهلية في الجنوب والغرب والشرق، كانت الأولى عبارة عن هجوم المعارضة السودانية في الخارج على مدينة الخرطوم أو ما يسمى بغزو الجبهة الوطنية عام 1976 ضد نظام جعفر نميري، وغزو حركة العدل والمساواة بقيادة خليل إبراهيم للخرطوم عام 2008 ضد نظام عمر البشير، ولكن بعيداً عن طرفي النزاع في السودان والمعادلة السياسة خلف هذا الصراع الداخلي إن كانت إخوانية صرفة تخترق صفوفه العسكرية أو نتاج فساد تخلق وتراكم في بنية الدولة السودانية منذ استقلالها.. أو كلاهما، فإنه في بلد بالغ الهشاشة ويعاني من أزمات وانقسامات إثنية وصراع مسلح على السلطة لايزال الشعب السوداني في حالة عزوف عن التفاعل مع هذا الصراع حيث التزم الشارع السوداني الهدوء والترقب، وهذا مؤشر جيد لعدم تحولها إلى حالة فوضى يعقبها حرب أهلية مدمرة -لا قدر الله- هذا إلى جانب حياد خمس حركات سودانية مسلحة حتى الآن.
ورغم صعوبة الحلول في النزاع السوداني السوداني، إلا أن المبادرة السعودية الأمريكية تمضي اليوم بشكل جيد حتى الساعة، حيث نجحت مرحلتها الأولى في تمديد الهدنة وموافقة أطراف النزاع الجلوس المباشر على طاولة مفاوضات خارج السودان، وهذه الورقة قد تكون مجدية في حل ولو مؤقت للحد من إشعال المنطقة بتوترات هي في غنى عنها في واقع إقليمي ودولي مشتعل بالأصل منذ الحرب الروسية الأوكرانية.
نأمل للسودان استقراراً وهدوءاً ووقفاً للنزاع القائم، يعقبه نمو وازدهار لهذا البلد الطيب وشعبه الذي يستحق أن يعيش بسلام وأمن.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.