أمام هذا الكم الهائل من قراءة مئات التقارير ومشاهدة اللقاءات التلفزيونية مع خبراء كل يرى الموضوع من زاويته ومصلحته! نعم هناك مصالح متعددة معقدة ومتشابكة، فالكل يرى ألا يضيع منه جزء من كيكة التقسيم، تلك الكيكة التي قدمتها أمريكا!
نجمع على أن العمل السياسي متحول وغير ثابت وهو فعل نفعي بالمقام الأول وأن ليس هناك صداقة دائمة ولا عداوة دائمة أيضا، ولكن القيم الإنسانية والأخلاقية يجب ألا تبقى على الهامش وإن كان هذا المطلب يبدو أفلاطونيا إلا أن ما نراه على شاشات التلفزة من قيام دول جوار لأفغانستان ببناء جدار عازل لإيقاف تدفق اللاجئين مثلما فعلت تركيا أو استخدامها ورقة ضغط تجاه حلف الناتو مثلما فعلت سابقا، يشعرنا بمدى ضآلة حجم الإنسان أمام قيم الحضارة الحديثة!
كل ما يحدث على أرض أفغانستان لا بد أن يعيه الجميع، وفي ظني أن أول درس ومهم جدا هو الاعتماد على الداخل على الجبهة الداخلية الصلبة وتقويتها والاهتمام بها، في بناء استراتيجيات مع بناء تحالفات دولية مهمة، ولكن ألا تصبح هذه التحالفات هي حجر الزاوية في سياساتنا، فالقوة الحقيقية تنبع من الداخل وربما بعض الصداقات تكون مميتة وهذا ما ظهر في الحالة الأفغانية!
«أن تكون عدو أمريكا فقد تكون خطيرا، ولكن أن تكون صديقها فهو أمر مميت»، هذه العبارة لهنري كيسنجر ثعلب السياسة الأمريكية ووزير خارجيتها ومن رسم سياستها الخارجية لعقود طويلة. تفكيك هذه العبارة وقراءتها يؤدي بنا إلا أن التحالفات شيء جيد ولكن في النهاية المصالح هي التي تتحكم بالواقع الفعلي على الأرض، ولذلك الاتجاه نحو وجهات مختلفة متغيرة يضمن التوازن إلى حد كبير وتغيير وجهة البوصلة يعطي رسائل مهمة أننا نستطيع فعل ما نريد وقتما نريد!
السياسات القادمة من واشنطن لا تبدو سوى برجماتية، ويجب فهمها على هذا الأساس، فهناك مقولة مأثورة عن الرئيس الفرنسي السابق تشارل ديغول (وهناك من يعتقد أن رئيس وزراء بريطانيا السابق، وينستون تشيرشيل هو صاحبها) «أنه لا توجد صداقة في السياسة، ولكن هناك صداقة في المصالح»، وهذه مقولة مهمة جداً يجب التفريق بين الصداقة والمصالح الاقتصادية، والصداقة والمصالح الوطنية والتي يحاول البعض الخلط بينهما، للخروج بنتيجة يقنع فيها نفسه أنه يسير في الطريق السليم!
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.