يعد كتاب « الاتزان الاستراتيجى » الصادر عن وزارة الخارجية المصرية وثيقه تاريخيه هامة تستعرض ملامح من السياسة الخارجية المصرية في عشر سنوات والقائمة على التوازن الذى يضمن مصالحها الوطنية، والحفاظ على استقرارها ومحيطها الإقليمي والدولي بما يعزز فرص التنميه المستدامة والاستثمار ومكافحة الارهاب وتعزيز السلام والتعاون العالمي من خلال الحضور المصرى المتفاعل على كافة الأصعدة .
رؤية رئاسية وخبرات دبلوماسية عريقة
ويوضح الكتاب - الذي تقدم وكالة أنباء الشرق الأوسط عرضا شاملا له في التقارير التالية - كيف أدارت مصر بحكمة واقتدار سياسة خارجية نشطة في السنوات العشر الماضية استندت إلى الرؤية التي طرحها الرئيس عبد الفتاح السيسي، وخبرات وتقاليد وزارة الخارجية، التي تمتد لأكثر من مائة عام منذ تاريخ إنشائها بشكلها الحديث عام 1922، انطلاقا من مفهوم الاتزان الاستراتيجي ، الذي حدده فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية وأصبح جوهر عقيدتها التى تقوم على «احترام الدولة الوطنية» ورفض الانخراط في مظاهر الاستقطاب الدولي، و" تحقيق السلام في العلاقات الدولية والحفاظ على النظام الدولي متعدد الأطراف" و"الالتزام بمبدأ مكافحة الإرهاب"، إلى جانب إدارة العلاقات الاقتصادية بين الدول لتحقيق التنمية الشاملة في العالم، ورعاية مصالح المصريين في الخارج.
سياسة متوازنة في عالم مضطرب
ويؤكد الكتاب تمسك مصر بسياسة خارجية متوازنة تضمن مصالحها الوطنية، والحفاظ على استقرارها في محيط إقليمي ونظام عالمي يواجه أزمات واستقطابا .. كما يؤكد أن هذا التوازن هو ما مكن مصر من مواجهة الأزمات المستمرة إقليميا ودوليا وتداعياتها بحكمة وثبات، محافظة على سيادتها ومنحازة لقيم السلام والتنمية والعدالة كأساس للتعامل مع المنطقة والعالم، كما سخرت كل تحركاتها لتحقيق تطلعات الشعب المصري والشعوب العربية والأفريقية في الحياة الكريمة والأمن المستدام، لبناء المستقبل الذي تستحقه الأجيال القادمة.
وتتناول فصول الكتاب الشراكات الاستراتيجية المصرية المتنامية مع دول أفريقية وأسيوية وأوروبية وأمريكية ولاتينية، على الصعيد الثنائي وفي إطار تجمعات التعاون الاقتصادي والإنمائي، من منطلق الانفتاح المصري على التعاون والارتقاء بمستوى الشراكات والتعاون مع جميع الأطراف لإرساء نظام إقليمي ودولي يحقق المنفعة المشتركة للجميع.
ويلقى الكتاب الضوء على سياسة مصر الخارجية في محيطها العربي، ففي حين شهدت المنطقة العربية منذ عام2011 ، واحدة من أكثر مراحل الاضطراب السياسي والأمني في تاريخها الحديث، رتبت القاهرة أولويات سياستها الخارجية تجاه محيطها العربي، واستعادت السياسة الخارجية المصرية زمام المبادرة وحركتها النشطة في أعقاب ثورة 30 يونيو 2013.
وبحسب الكتاب ، تضع السياسة المصرية تجاه المنطقة العربية امامها هدفين أساسيين ، هما "مساعدة الدول العربية على استعادة استقرارها" ، و" تعزيز التعاون الاقتصادي مع الدول العربية" ، وذلك عبر ثلاثة مبادئ أساسية، هي الحفاظ على سيادة ووحدة أراضي الدول العربية وسلامتها الإقليمية، ورفض أي تدخلات خارجية في شئونها، والتمسك بدعم وتطوير مؤسسات الدولة الوطنية، ودعم الطموحات المشروعة لشعوب الدول العربية التي تمر بأزمات.
القضية الفلسطينية وجهود الوساطة
ويبرز ذلك من خلال الموقف المصري من القضية الفلسطينية وجوهره أن الحل العادل للقضية الفلسطينية يعد الشرط الضروري، لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة وفقا للشرعية الدولية، وتفعيل الحق الأصيل للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود يونيو1967 وعاصمتها القدس الشرقية، إضافة إلى جهود الوساطة من أجل التوصل لاتفاق دائم لوقف إطلاق النار أو لتحقيق هدنة مستدامة بالحد الأدنى عقب 7 أكتوبر 2023.
ويتناول الكتاب، عودة مصر إلى الريادة الأفريقية، بالتحرك من خلال ثلاثة محاور أساسية، وهي استعادة الدور القيادي لمصر في الاتحاد الأفريقي، وإعادة تأسيس الدور المصري النشط في أفريقيا، على أسس الشراكة التنموية وتعزيز العلاقات الثنائية السياسية والاقتصادية، وبلورة سياسة مائية مصرية قوامها المزج بين التعاون التنموي والمائي مع دول حوض النيل، مع التمسك بحقوق مصر المائية، والتركيز على المصالح المشتركة.
ويوضح الكتاب كيف أن السياسة الخارجية المصرية على مدار السنوات العشر الماضية، عملت على تطوير العلاقة مع الاتحاد الأوروبي، بما يتجاوز الإطار التقليدي، الذي اقتضى تحركاً مصرياً مكثفاً مع الدول الأوروبية ومؤسسات الاتحاد الأوروبي، وبشكل خاص منذ إتمام الاستحقاقات الدستورية، وتطوير العلاقات الثنائية مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي كفرنسا وألمانيا الاتحادية وإيطاليا وإسبانيا واليونان وقبرص وهولندا وبلجيكا وأيرلندا والبرتغال والدول النوردية ورومانيا وبولندا والمجر والتشيك وسلوفاكيا والمملكة المتحدة وتركيا وسويسرا ودول البلقان، إضافة إلى تطوير العلاقات مع روسيا الاتحادية وأوكرانيا وبيلا روسيا وأرمينيا وأذربيجان.
كما تضمن الاتزان الاستراتيجي المصري ، التحرك تجاه آسيا التي ظلت حاضرة في سياسة مصر الخارجية عبر التاريخ، ومثلت العلاقات المصرية مع دول آسيا في العصر الحديث، التي اكتسبت زخماً غير مسبوق خلال السنوات العشر الأخيرة، نموذجاً للمرونة الاستراتيجية، وذلك مع أهم شركاء القارة وهم الصين واليابان وكوريا الجنوبية، وفي جنوب آسيا الهند وباكستان، إضافة إلى تعزيز العلاقات مع رابطة تجمع دول الآسيان العشرة ( سنغافورة وإندونيسيا وماليزيا وتايلاند والفلبين وفيتنام ولاوس وكمبوديا وبروناي وميانمار )، وعلاقات مصر مع الدول الإسلامية المستقلة عن الاتحاد السوفيتي لاستثمار الروابط الثقافية والدينية العميقة التي تربط هذه الدول بمصر، وهي كازاخستان وأوزبكستان وطاجكستان.
كما تمثل العلاقات المصرية الأمريكية، نموذجا لشراكة استراتيجية ممتدة، ازدادت رسوخاً وعمقاً عبر عقود، وهي تلبي حاجات سياسية واستراتيجية أساسية للطرفين، فللولايات المتحدة دورها القيادي في جميع القضايا العالمية والإقليمية بحكم وضعيتها الدولية كقوة عظمى، ولمصر دورها المحوري في الشرق الأوسط وأفريقيا والعالم الإسلامي، وبين دول الجنوب العالمي.
الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة
وأكد الكتاب أن مصر تأتي على رأس حلفاء الولايات المتحدة من خارج حلف الناتو منذ عام 1978 ، وتأسست الشراكة الاستراتيجية بين البلدين على أساس مبدأ دعم المصالح المشتركة وتقاسم الأعباء بين الشريكين، وتعميق التعاون الثنائي، والعمل المشترك في القضايا الإقليمية محل اهتمام البلدين، ويستعرض الكتاب تطور العلاقات المصرية الأمريكية فيما بعد ثورة يونيو، وحتى اليوم، وسبل تعميق الشراكات الاقتصادية والدبلوماسية وصولا لمأسسة وانتظام آلية الحوار الاستراتيجي.
كما يبرز الكتاب الدور المصري في المنظمات الدولية والدبلوماسية متعددة الأطراف، على قناعة مفادها إقامة وتدعيم المؤسسات الدولية متعددة الأطراف لبناء علاقات دولية مستقرة ونظام دولي عادل وفاعل، يقوم على احترام قواعد القانون الدولي وتوازن المصالح والمسئوليات بين الدول المكونة له، والاحترام المتبادل للسيادة وعدم التدخل في الشئون الداخلية، والعمل على نشر ثقافة السلام والمساواة بين الدول والشعوب، والارتقاء فوق نزعات العنصرية والتطرف والعنف، والتعاون لتحقيق التنمية المستدامة والرخاء.
وبحسب الكتاب ، كان الموقف المصري حاسماً في أنه لا بديل عن هذه المنظمة الأممية لذلك كان لمصر إسهامات في إطار منظومة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية متعددة الأطراف على مدار السنوات العشر الماضية، فيما يتعلق بمواجهة التحديات التي تمس السلم والأمن الدوليين، والتحديات الجديدة التي تمثلها قضايا الهجرة غير الشرعية ومكافحة الاتجار في البشر، وقضايا حقوق الإنسان، والمسائل الاجتماعية والإنسانية الدولية، إضافة إلى دورها في إطار الوكالات الدولية المتخصصة، ووصولاً إلى دور الدبلوماسية القانونية المصرية.
مكافحة الإرهاب وربط السياسة الخارجية بالتنمية
ويبرز دور مصر في هذا الاتجاه، من خلال نشاطها في الأمم المتحدة ودورها في قضايا نزع السلاح والأمن الدولي، وقضايا الهجرة واللاجئين ومكافحة الاتجار بالبشر، ومكافحة المخدرات والجريمة المنظمة، ودورها في منظمات اليونسكو والصحة العالمية والفاو، إلى جانب دورها في قضايا حقوق الإنسان والشئون الإنسانية الدولية.
وتضمنت سياسة مصر الخارجية خلال السنوات العشر الأخيرة، التحرك لمكافحة الارهاب في ظل بيئة إقليمية ودولية شديدة التعقيد، شهدت خلالها المنطقة محاولات لإعادة رسم الخريطة السياسية بها وبناء تحالفات تستجيب لمصالح جديدة، وتفاقم خطر التنظيمات الإرهابية التي تتخذ من القتل عقيدة لها ومن الدين غطاءً وتنتهج العنف سبيلاً لاستهداف جهود الاستقرار والتنمية حول العالم، لذا تحركت السياسة الخارجية المصرية والمبادئ المنظمة في مواجهة التحديات متعددة الأوجه التي فرضتها ظاهرة الإرهاب الدولي في مرحلة دقيقة، ويرصد نموذجًا من مساعي مصر في إطار تحركها الخارجي إقليميًا ودوليًا لبناء ووضع أسس لمنظومة عالمية تستند على توافق دولي شامل ومتوازن لتعزيز مكافحة الإرهاب الدولي.
وجاءت التحركات في هذا الإطار عبر مبادئ التصدي للإرهاب الدولي بشكل شامل ومتزامن مع المستوى المحلى والإقليمي والدولي، واحترام مبدأ المسئولية الرئيسية للدولة ومركزية دور مُؤسساتها الوطنية المعنية بإنفاذ القانون في سياق جهود مُكافحة الإرهاب والتطرف، واحترام ما يتصل بمبدأ سيادة الدول في هذا الخصوص، وتبنى نهج المواجهة الحازمة مع مختلف التنظيمات الإرهابية، والعمل على التصدي للأفكار والأيديولوجيات المتطرفة المؤسسة للإرهاب والعنف ومروجيها.
ويستعرض تعريف أولويات السياسة الخارجية المصرية، لتصبح أكثر ارتباطًا وتعبيرا عن أولويات المشروع التنموي الضخم الذي أطلقته الجمهورية الجديدة في مصر منذ تولي السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي المسئولية، فالعمل الدبلوماسي المصري، خلال العقد الأخير، أصبح مرتبطًا بشكل عضوي بالأولويات الاقتصادية، عبر دور السفارات والبعثات في الترويج للاقتصاد المصري، ودعم الجهد التنموي المصري في القطاعات ذات الأهمية الاستراتيجية والمشروعات القومية الكبرى، والتحرك على مستوى المنظمات والتجمعات الاقتصادية الإقليمية والدولية للدفاع عن المصالح الاقتصادية المصرية، إلى جانب الدور التفاوضي للدبلوماسية البيئية في أبرز مؤتمرا الأطراف الدولية، كمؤتمرات تغير المناخ والتنوع البيولوجي.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
انتبه: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة مصر اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من مصر اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
