قال التابعي زين العابدين ولد الحسين وحفيد علي بن أبي طالب: «إن قوما عبدوا الله رهبة، فتلك عبادة العبيد، وآخرون عبدوه رغبة، فتلك عبادة التجار، وآخرون عبدوه محبة وشكرا، فتلك عبادة الأحرار الأخيار». ابن الجوزي «صفة الصفوة»، ابن كثير «البداية والنهاية»، وابن عساكر «تاريخ دمشق». فبالطبع الحال المثالي أن يلزم الإنسان نفسه بالمثاليات العليا لوجه الله وحباً بالفضائل والمثاليات وكمالها وجمالها الذاتي وليس بدافع قطبي المحرك الغرائزي أي الخوف من الألم والطمع بالرغبات، لكن في مستوى المبتدئين بطريق التكريس الأخلاقي السلوكي لا غنى عن التحفيز على حسن الأخلاق والسلوك والمعاملة بقطبي المحرك الغرائزي والذي دخل عصر التكنلوجيا والحكومة الرقمية باختراع يمكنه إحداث نقلة جذرية في مستوى أخلاق البشرية عبر النظام الذي بدأ تطبيقه في الصين والمسمى The social credit system «نظام الرصيد الاجتماعي»، ومن حيث المبدأ هو نظام معمول به بالنسبة لتصنيف مستوى الثقة الدولية بالأنظمة المالية والحالة الاقتصادية للبلدان وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها المالية كسداد الديون الخارجية وأيضا تستعمله البنوك «التصنيف الائتماني»، لكن الصين طبقته على الفرد العادي وجعلت من حسن الأخلاق رصيدا يعادل المال، ليس فقط لتحسين أخلاق وسلوك الناس وما ينتج عن ذلك من توفير في إنفاق الحكومة على الجانب الجنائي والقضائي وأنواع الخسائر التي تحصل بسبب سوء سلوك الناس بالحياة الخاصة والعامة إنما أيضا هو يمنح المواطن سعة مادية إضافية ما كان يمكنه الحصول عليها بغير هذا النظام، فمن لديه رصيد نقاط مرتفعة تعبر عن أنه جدير بالثقة يمكنه الاستدانة من البنوك دون ضمان ولا كفيل ويمكنه الشراء بالدين من مواقع الإنترنت والمحلات، والاستئجار دون ضمان، ففي هذا النظام يمنح كل مواطن رقما ورصيدا مجانيا في البداية ويفقد نقاطا فيه أو يكتسب المزيد منها حسب سلوكه ويكافأ بامتيازات كالأولوية بمواعيد الإدارات الحكومية والمستشفيات وتخفيضات مالية بأسعار الخدمات وأسعار السلع والضرائب ومجانية كاملة لبعض الخدمات والمرافق، ويتم تسجل المواطنين فيه من سن 14سنة ويلزم الآباء بدورة تعليمية مع الابن إن انخفض رصيد الابن بشكل كبير، وصار جزءا من نظام القبول بالمؤسسات التعليمية المتميزة والوظائف وتقييم شخصيات المتقدمين للزواج، واعتمدته الحكومة لعلاج معضلة انتشار صناعة السلع الرديئة بالصين والاحتيال التجاري واسع الانتشار، ويتم أيضا تقييم الإدارات الحكومية وفق هذا النظام، وتسجل السلوكيات التالية كنقاط سلبية؛ عدم الوفاء بالالتزامات المالية والرسمية، مخالفة القوانين والأنظمة، شراء الكحول والسجائر، الغش بالامتحانات، التحرش، الشجارات، سوء الأدب بالأماكن العامة ووسائل النقل، تخريب الممتلكات، رمي النفايات بغير أماكنها المخصصة، تلويث البيئة، سوء معاملة الآخرين، العنف الأسري وعدم رعاية كبار السن، سوء السجل العملي، عدم دفع الرواتب بوقتها، المخالفات المرورية، سوء معاملة الحيوانات، وحاليا؛ عدم التقيد بإجراءات الحماية من عدوى كورونا، بينما تحتسب كل السلوكيات الإيجابية كنقاط مكتسبة برصيد الشخص كالسلوكيات التالية؛ الوفاء بالالتزامات المالية والرسمية دون تأخير، الوفاء بالالتزامات العائلية فشراء حفائظ الأطفال تسجل كنقطة برصيد الشخص، نجاحات التعليم والعمل، ممارسة الرياضة، حسن المعاملة، الادخار، تقديم المساعدة بالطوارئ، إرجاع المال الضائع، التبرع بالمال والدم والأعضاء والتطوع، الإصلاح بين الناس، وليست هناك عقوبات قضائية على نيل تقييم ورصيد منخفض إنما فقط حرمان من الامتيازات التي كان سيحظى بها عند تسجيل رصيد مرتفع، وهذا يمثل حافزا للشخص لإصلاح نفسه وحاله وسلوكه ومعاملته للناس بحياته الخاصة والعامة والإنجاز بشكل أفضل بكل مجالات حياته وهذا يرفع إنتاجيته ومساهمته الإيجابية بالمجتمع ويغني عن عقوبات السجن على المخالفات، وبالتالي يوفر تكلفة الصرف على الأعداد الإضافية للسجناء عندما يكون السجن هو العقوبة التعزيرية الوحيدة فوق خسائر الإنتاجية المفقودة للسجناء، فهو من العقوبات البديلة الأكثر فاعلية.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.