أخبار عاجلة

طالبان الجديدة.. الأيديولوجيا والإرهاب والإسلاموفوبيا

طالبان الجديدة.. الأيديولوجيا والإرهاب والإسلاموفوبيا
طالبان الجديدة.. الأيديولوجيا والإرهاب والإسلاموفوبيا
لم يكن العالم بحاجة لمأساة جديدة وفجيعة تهزه وتخيم على أجوائه وذلك باستيلاء طالبان على كابول وتولي السلطة في أفغانستان، وهو الذي تعرض منذ عامين ولا يزال لمعاناة قاسية وانهيار كبير وفجيعة إنسانية تمثلت بوباء كوفيد 19 حيث كان العدو الأبرز لكل قاطني العالم والذي فتك بالأمم والشعوب ولم يفرق بين الأديان والأجناس.

من المحزن أنه في الوقت الذي تتجه فيه أصوات الاعتدال في العالم إلى التقارب والتفاهم، تخرج علينا جماعة طالبان بتمسكها بقناعاتها الأيديولوجية المتشددة والظلامية في وجه العالم الحر المتحضر حيث لم تستطع الانسلاخ من رؤيتها الانعزالية تجاه الإنسانية فضلا عن ارتكاب جرائم بشعة بحق الشعب الأفغاني والإصرار على تنفيذ ما في جعبتها من أفكار وأساليب أكل عليها الدهر وشرب. التوجس الذي يشعر به العالم تجاه طالبان الجديدة في محله ومهما حاولت أن تناور وتمتص القلق العالمي بتصريحات معسولة لتبديد المخاوف والحصول على الشرعية من لدن المجتمع الدولي إلا أن الحقيقة تتجسد في الأفعال لا الأقوال.

ما لمسناه حتى الآن من ممارساتها على الأرض يعكس الحقيقة في أن طالبان لا تختلف عن طالبان 2001 فكرا وعقيدة وثقافة وهو بمثابة إعادة بانورامية لمشاهد وحشية سبق أن رآها العالم آنذاك.

تطرف حركة طالبان الجديدة يطل بوجهه القبيح من خلال تصريحاتها وتعليقاتها ويكفي تلك الصور المرعبة وحالة الفرار الجماعي إلى مطار كابول وكأنها مقطع من فيلم هوليودي، فالمشهد بما فيه من رعب وخوف وحزن وذهول وبشاعة إلا أنه يختزل كل القصة لشعب قدره الضياع والشتات والفجيعة والموت. أدبيات الحركات الراديكالية المؤدلجة دينيا وسلوكياتها على أرض الواقع كرس أساليب العنف مما خلق حالة من الالتباس في فهم حقيقة الشريعة الإسلامية لدى الشعوب الغربية، فاختلطت الأوراق وباتت الصورة النمطية لأفعال الجماعات الإرهابية هي الحاضرة في الذهن.

عودة طالبان تعني ببساطة انبعاثا جديدا لحملات دعائية معادية للإسلام في الغرب وتعني أيضا تكريس مفهوم الإسلاموفوبيا والترويج له. هذا مشهد سيتصدر وسائل الإعلام الغربية بما فيها السوشال ميديا في القادم من الأيام والقلق من أن موجة الإرهاب ستطفو من جديد على السطح وسوف تعتلي صدارة عناوين الأخبار والمنصات والعواجل، فالإرهاب لا ينفك يجد ضالّته في أي مكان طالما أن هناك محرضين وداعمين وحاضنين، لا سيما وأن الكراهية يتم تغذيتها والتطرف يتمدد في بيئة حاضنة دون مواجهة.

هناك من يرى أن طالبان ستفتح الباب لكل الجماعات المتطرفة فهي الملاذ الآمن ولا نستغرب أن يكون كل ذلك يتم بدعم خفي من دول عظمى ودول إقليمية لتوظيف هذه الجماعات في أجندة خاصة بها لأجل تحقيق مصالحها. صوغ سياسات جديدة وإعادة التموضع في التحالفات والتجاذبات أمر متوقع ومعتاد في عالم السياسة وما أدراك ما السياسة.

جاء الانسحاب الأمريكي بتلك الصورة المفزعة لتطال البيت الأبيض انتقادات حادة وإن كان معروفا توقيته لكن لم يكن في تصور المتابعين أن يكون بتلك الفوضى والتسرع والعبثية مع أن الهدف الحقيقي لإدارة بايدن في تقديري مبعثه داخلي فمصلحة البيت الأبيض في نهاية المطاف المكسب السياسي وتحديدا في الانتخابات بشكل عام ويتم استغلال هكذا قرارات في الوقت المناسب ولكن المثير للدهشة السيطرة الطالبانية السريعة وخفايا ما تم من ترتيبات في اللحظات الأخيرة والأطراف التي أعدت الطبخة وأشرفت على نضجها وثمة أمور بالتأكيد لا تزال غامضة والزمن كفيل بكشفها.

طالبان تقول إنها ستطبق الشريعة الإسلامية لا الديمقراطية ووفق قيمها ومفاهيمها وهنا تكمن حقيقة الإشكالية ما بين النص وتفسيره. هناك فارق بين النص الديني (القرآن) الذي يجب أن نتمسك به ونقدسه، والتفسير الديني الذي هو جهد بشري يحتمل الصواب أو الخطأ، وليس بالضرورة يعبر عن حقيقة المغزى للنص القرآني الكريم، فالتفسير يبقى اجتهادا إنسانيا وليس تنزيلا إلهيا، وهنا الفارق، فمن ينتمي لهذا المذهب أو تلك المدرسة أو هذا التيار أو ذاك، تجده يحاول قدر الاستطاعة توظيف النص وتكييفه شرعيا ليتواءم ويتسق مع توجهاته وثقافته، ومما يدلل على صحة ذلك، نتذكر مشايخ أصحاب التيار التكفيري في السعودية الذين أفتوا آنذاك بفتاوى قتل رجال الأمن وكذلك الناس الأبرياء (مسألة التترس)، ثم لم يلبثوا أن تراجعوا عنها.

تتسم رؤية حركة طالبان للشريعة بشيء من التشدد المفرط والتزمت والغلو وهو ما يتعارض مع روح الشريعة ومقاصدها بدليل أنها اعتادت على الإدلاء بتصريحات مستفزة خصوصا في ما يتعلق بوضع المرأة أو التعامل مع غير المسلمين أو تحريم الآثار والفنون وغير ذلك ما يكشف ضآلة المنتج الفكري وقلة المحصول العلمي والشرعي.

من تعامل مع طالبان يرى أن سلوكها معيب وصوتها نشاز متطرف لأنه لا يعنيها مبدأ التعايش وترفض الآخر وتستقبل الإرهابيين ما يعني تشويه صورة العرب والإسلام وإلغاء صوت الاعتدال وفتح الأبواب لأصحاب الإثارة والتصادم الحضاري. الوسطية في الإسلام لا تقر تلك الطروحات العدائية مع الغرب، بل تنادي بمفاهيم التعايش والتسامح والحوار، وقد نادت به الشريعة الإسلامية منذ ما يربو على ألف عام، والحضارة الغربية كمضامين تدعو الآن إلى ذات المفاهيم في عالم بات إلى الالتحام هو أقرب.

طالبان على المحك وهي أمام تحد كبير فالعالم يراقب تصرفاتها وتعاملاتها ويقيم أفعالها ولذا الخشية الآن في أنها تفسح المجال والحركة للجماعات الإرهابية ما قد يؤثر على مستقبلها السياسي وعلاقتها بالمجتمع الدولي مما يعني العودة للمربع الأول حيث الصراع ما بين الإسلام والغرب. من الدروس المستفادة من كارثة تفشي وباء كورونا والهلع الذي انتاب العالم أنها جعلت قضايا الناس وهمومهم وحروبهم وخلافاتهم وأزماتهم تتحول إلى توافه صغيرة لا تعني شيئا أمام حقيقة الموت والبقاء، فتلاشت الفواصل والأوهام والحواجز التي صنعها البشر فيما بينهم، ولكن المحنة التي أصابت أفغانستان ربما قد تُدخل العالم من جديد في معاناة ويلات الحروب والصراعات والصدامات.


ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

التالى محمد عبده الأول.. فمن العاشر؟