هكذا تحول اسمي
• متى كانت ساعة القدوم للدنيا، ليلاً أم نهاراً، وهل بكيت عند ولادتك ؟
•• ولدت يوم الإثنين 22 مايو 1967، وأمي تذكرني دائماً أن قدومي تزامن مع الإشراقات الأولى من صباح ذلك اليوم، وعندما وُضعت في حضنها لأول مرة كنت هادئاً، وكان بكائي لا يخرج حدود صدرها.
• من كانت قابلتك، ومن الذي اختار لك اسمك ؟
•• بحكم أنني وُلدت في مستشفى الولادة لحكومة البحرين في مدينة المحرق، التي كانت متطورة في القطاع الصحي على مستوى الخليج، وكان أغلب ممرضاته أجنبيات (إنجليز وبعض الجنسيات الأخرى)، سجل أبي اسمي في شهادة الميلاد (فوزي)، لكن لاحقاً تحول إلى محمد بتأثير من جدّي، وهذه حكاية يطول شرحها.
• كم ترتيبك بين إخوتك ؟
•• ترتيبي الثالث بين الذكور والإناث.
• ماذا في ذهنك من شقاوة الطفولة ؟
•• كنت أخشى - وأنا لم أتجاوز السنة السادسة من عمري - الجلوس تحت الماء والاستحمام أو الاغتسال للجلوس على الطعام، فقد كانت والدتي تعاني من حالتي هذه، لكن أتذكر أن جدي وقف بحزم أمام وضعي واستخدم طرقاً عديدة حتى استقمت.
القيصرية والسويق
• هل احتفلت أسرتك بقدومك، ما نوع الاحتفال، وما سببه ؟
•• في ذلك الوقت لم يكن الاحتفال يعني سوى شيء واحد هو الاعتناء بالأم وتهيئة الأجواء من الأسرة والأقارب لتقديم ضروب الراحة وما يلزم ذلك من خدمات، وعلى وقع هذه الترتيبات تكون طقوس التبريكات والتهاني بصورة بسيطة.
• ما الذي تحتفظ به ذاكرتك من القرية، المدينة، الحي ؟
•• لم أعش في قرية، تنقلت من مدينة إلى أخرى، من المحرق بالبحرين إلى الأحساء وتحديداً في حي الكوت وسط الهفوف، وأغلب طفولتي كانت في هذا الحي، وكان يحيط به من الجهة الشرقية أشهر سوق وهو «القيصرية» ومن الجنوب سوق «السويق»، لذلك ذاكرتي تحتفظ بالكثير من الشخصيات التي انحفرت فيها بسبب كثافة الوجوه التي تعبر طفلاً صغيراً لم يتعود أن يرى وجوهاً خارج عائلته.
• ماذا يعني الانتماء للمهنة أو الحرفة التي تعمل بها ؟
•• هو انتماء محكوم بطبيعة الروابط التي تتأسس عليها الحياة العملية للفرد، وكوني قضيت جلّ سني عملي في مهنة التدريس، فإن قيمتَي العطاء والمسؤولية هما من طبيعة هذه الروابط، وهذه الأخيرة تحدد إلى أي مدى أنت تنتمي إلى هذه المهنة، وإلى أي مدى أنت مشدود إلى روابطها، وأنا أجد نفسي بعد 30 سنة في هذه المهنة قد أعطيت على قدر إمكاناتي وتحملت المسؤولية على قدر طاقتي، وهذا بالنسبة لي معنى الانتماء.
موت المؤذن
• على ماذا استيقظ وعيك المبكر من الأحداث والمواقف والناس ؟
•• استيقظ على الكثير من المواقف والأحداث، أذكر منها حادثة حين كنت عائداً من المدرسة، وكنت وقتها في الصف الخامس الابتدائي، وعند مدخل حي الكوت المطل على دوار البلدية فوجئت بضجيج المارة يحملون شخصاً مسجى على ألواح من الخشب، أخذت زاوية من الممر ملتصقاً بأحد جدرانه وأنا في حالة ذهول وخوف من المشهد برمته، وما زاد من هذه الحالة هو معرفتي بالمتوفى، الذي كان مؤذن المسجد القريب من بيتنا في الحي، وكنت يومياً أراه في أوقات الصلاة داخل المسجد وخارجه.. هذه الحادثة تركت في داخلي انطباعاً عن الموت والفقد انسحب على الكثير من مواقفي من الحياة.
• كيف كان أول يوم صيام في حياتك، وهل كان موسم صيف ؟
•• كان الموسم في ذلك الوقت حاراً جافاً، ولا أتذكر متى كان هذا اليوم، وما المشاعر والأحاسيس التي رافقته أو صاحبته، لا أتذكر منه سوى لمحة خاطفة تلمع كومضة في سماء ذاكرتي، وهي تلك الطقوس المصاحبة التي نستقبل بها رمضان أهمها اثنان؛ «المسحراتي» ونسميه في لهجتنا الحساوية «بو طبيل»، وبائعو الكبدة أو «الكوبيدة».
مساعد جيد
• ما موقف والدتك ووالدك من صومك المبكر، وهل أذنا لك أو أحدهما بقطع الصيام بحكم الإرهاق ؟
•• كان الصوم المبكر نوعاً من تقليد الآباء والأمهات حتى وإن كان لا يلزمنا شرعاً بحكم صغرالسن، لكن التشجيع من الأم والأب وحتى الأخ الكبير كان يحفزنا على الصوم إلى الحد الذي نشعر فيه بالعطش، عندها نكسر صومنا بشرب الماء، وعادة ما نخفي ذلك عن الأهل حتى لا تهتز صورتنا أمامهم.
• على ماذا كانت تتسحر الأسرة في ذلك الوقت ؟
•• مثلما هي العادات والتقاليد المتبعة في الموائد الرمضانية بالأحساء، منها الأطباق الرئيسة كالهريس واللقيمات والشعيرية والنشأ والشوربة.. وما يتبقى من هذه الأطباق من الفطور يُرحّل إلى مائدة السحور.
• ما النشاط المنزلي الذي كنت تُكلف به ؟
•• في الوقت الحاضر أنا مساعد جيد لزوجتي في المطبخ، في الماضي كنت دائماً أراقب أمي حين تقضي نهارها في المطبخ.
التمايز وقاموسي
• أي فرق أو ميزة كنت تشعر أنك تمايز بها أقرانك ؟
•• لم أعرف يوماً ما مفردة تمايز، ولم تتسلل إلى قاموسي اللغوي، ولم أفكر مطلقاً أنني أملك شيئاً مادياً أو معنوياً يجعلني أشعر مثل هكذا شعور، عشت قرب أقراني وكأنني جزء من كلّ لا ينفصل ولا يتعدد.
• من تتذكر من زملاء الطفولة ؟
•• هناك زملاء الدراسة في مراحلها المبكرة، وأصدقاء الحي الذين تجاور بيوتهم بيتنا، ورغم أن أغلبهم الآن أخذتهم سبل الحياة بعيداً، إلا أن خيطاً من الذكرى ما زال عالقاً في الذهن، وكلما صادفت أحدهم القريب من الأسرة أمسك طرف الخيط وأرمي الطرف الآخر له حتى يمسكه ثم نبني الحكاية من جديد.
• لماذا يسكننا حنين لأيامنا الأولى في الحياة ؟
•• لأن فكرة العودة إلى المنابع الأولى والانغماس في مياهها كلياً هي فكرة تلازمنا منذ ولادتنا وتكبر معنا شيئاً فشيئاً حتى تسيطر علينا تماماً، فالعودة إلى الوراء ليست حلم الإنسان فقط، بل حتى جميع الكائنات وأشياء الوجود، والذي يملك مخيّلة قوية وذاكرة صلبة باستطاعته أن يحفر عميقاً ليصل إلى تلك الأيام.
• كيف تقضي يومك الرمضاني ؟
•• أقضي أغلب الوقت في مكتبتي، إما في القراءة أو في الكتابة. لكن مزاجي للقراءة في رمضان أكثر منه للكتابة، لا أعلم لماذا، ربما هي عادة جرت عليها حياتي.
أنا وجدّي
• ما المواقف العالقة بالذهن والعصية على النسيان ؟
•• أظن أكثر المواقف تأثيراً في حياتي هي الصورة التي انطبعت في ذهني عن جدي، رحمه الله، فقد كان حكّاءً ماهراً يجيد التحدث عن قصص التاريخ وأساطيره وهو كثير الاطلاع والقراءة في كتب ألف ليلة وليلة، وسيَر عنترة، وأبي زيد الهلالي، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه.. ولا أنسى تلك اللحظات حين يجمعنا أنا وإخوتي، لتبدأ معه رحلة الدهشة والعوالم الغريبة بالنسبة لطفل صغير.
• ما برنامجك الرمضاني من الفجر إلى السحور ؟
•• كما قلت، أقضيه في القراءة إلى حدود الأفطار، لكن بعده أقضيه بلقاء بعض الأصدقاء وزيارة الأهل والأقارب وممارسة رياضة المشي.
• أي الطبخات أو الأكلات أو الأطباق تحرص على أن تكون على مائدتك الرمضانية ؟
•• دون الهريس واللقيمات والشعيرية لا أحس أني في أجواء رمضان.
• هل تتابع برامج إذاعية أو تلفزيونية، وما هي ؟
•• أنا قليل الجلوس أمام التلفاز أو الحرص على الاستماع للإذاعة، لكن في رمضان الوضع يختلف، لقد أصبح مسلسل «طاش ما طاش»، على سبيل المثال، تقليداً راسخاً من تقاليد رمضان بعد الإفطار.
• لماذا يتناقص عدد الأصدقاء كلما تقدم بنا العمر ؟
•• الأمر لا يتجاوز الطبيعة البشرية، فنحن نميل إلى طلب الاطمئنان النفسي والسكينة الروحية والهدوء في الحياة العامة، وذلك كلما تقدم بنا العمر، وبالتالي التجارب التي مررنا بها في علاقتنا مع الناس، تكشف لنا مدى أصالتهم ومعدنهم، وعلى العموم هم قلة، والمحظوظ في حياته من يقبض على واحد منهم ويمسك بتلابيبه كصديق.
الناس صنفان
• ما حكمتك الأثيرة وبيت الشعر الذي تترنم به، واللون الذي تعشق ؟
•• حكمتي الأثيرة التي أتمثلها دائماً القول المأثور عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه «الناس صنفان إمّا أخٌ لك في الدين، أو نظيرٌ لك في الخلق».
أما بيت الشعر فهل هناك غير المتنبي يعرف أسرار النفس البشرية:
الظلم من شيم النفوس فإن تجد *** ذا عفّةٍ فلعلّة لا يظلمُ.
وأما اللون فأعشق الأصفر ولا أعلم لماذا.
• هل لك ميول رياضية، وما فريقك المفضل ؟
•• أعشق لعبة كرة القدم بحكم ممارستي لها في فترة من حياتي، وأحب مشاهدتها للاستمتاع لكن دون ميول تشجيعية لأي فريق، أحب وأستمتع باللعب الجميل باعتباره فناً مهارياً من ألعاب المخيّلة.
• أي زمن أو عصر كنت تتمنى لو أنك عشت فيه ؟
•• لم يخطر على بالي مثل هذا السؤال، لكن لو كان الأمر بيدي لاخترت أن أعود إلى زمن الطفولة البشرية، حينما كان الناس يعيشون براءتهم الأولى .
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.