تهميش الاتفاقية
وأضافت: "بدأت تحضيرات الانسحاب من الاتفاقية قبل أشهر عبر وسائل الإعلام الموالية للحكومة التركية، والتي استخدمت لغة قائمة على تهميشها وتجريمها، حيث ركزت وسائل الإعلام على أن الاتفاقية تسببت بزيادة حالات الطلاق وانتشار حالة المثلية الجنسية وتزعزع جو الأسرة في المجتمع التركي، إلى جانب النفقة بعد الطلاق".
وأشارت يلدز إلى أن "منظمات مجتمع مدني أسسها رجال من الأوساط المحافظة شنت حملة قوية ضد اتفاقية إسطنبول قبل انسحاب الحكومة منها، اعتمدت على تهميش الاتفاقية وتجريمها، في محاولة لتشكيل رأي عام مؤيد للانسحاب من الاتفاقية وفي نهاية المطاف تم اتخاذ القرار بالانسحاب منها".
كما لفتت إلى أن بعض مواد اتفاقية إسطنبول "تحمل الدولة مسؤوليات في مكافحة العنف ضد المرأة، لذا تركيا تتحمل مسؤولية تعميم الاتفاقية والتعامل معها بشكل كلي وشامل بدلا من تهميشها".
جرائم قتل
استطردت يلدز قائلة: "لكنها لم تقم بذلك ولم تنفذ بنود الاتفاقية في الوقت الذي قام به الإعلام برسم صورة مناهضة للاتفاقية".
ووصفت الخبيرة التركية تداعيات الانسحاب من الاتفاقية بالرهيبة، منبهة "يزداد العنف وجرائم القتل ضد المرأة بشكل سريع في الآونة الأخيرة بتركيا، وخصوصا في الوقت الذي ما يزال فيه مفهوم الشرف في البلاد مع الحداثة ونظام الجمهورية، وتحوله إلى أداة ضغط على المرأة، حيث يتعامل القضاء معه كمجال خاص، إذ يتم تخفيف عقوبة المجرم بموجب حكم التحريض والاستفزاز، والنساء التركيات كافحن هذه الأمور لسنوات طوال".
واعتبرت يلدز أن "المشكلة الأساسية تتمثل في مساعي الحكومات اليمينية المحافظة المتطرفة المتصاعدة في الفترة الأخيرة بالعالم، سلب الحقوق والمكتسبات التي حققتها النساء بعد كفاح طويل، واتفاقية إسطنبول تشكل عائقا كبيرا أمامهم على الصعيد الدولي".
وتابعت مشيرة إلى أن "هناك حملات وخطابات مشابهة في شرق أوروبا ضد المرأة واتفاقية إسطنبول وهذه الدول تخطط للانسحاب من الاتفاقية كما فعلت تركيا"، محذرة من أن انسحاب تركيا من الاتفاقية سيؤثر على البلدان الأخرى ما يدفعها للانسحاب منها".
الإفلات من العقاب
ونبهت يلدز إلى أن "انسحاب تركيا من الاتفاقية، خلق تصورا مريبا في المجتمع حيث يعتقد بعض الرجال أن الانسحاب من الاتفاقية يمنحهم حق ارتكاب جرائم قتل وممارسة العنف ضد المرأة مع إمكانية الإفلات من العقاب، الأمر الذي من شأنه أن يزيد من جرائم القتل والعنف ضد المرأة في المجتمع التركي، في الوقت الذي لا تطبق فيه القوانين التي تنص على حماية المرأة وحقوقها".
وتابعت: "مع انسحاب تركيا من الاتفاقية تركت المرأة لإنصاف الرجل ولمصيرها".
وحول خطة العمل لمكافحة العنف ضد المرأة التي أعلنت عنها الحكومة التركية، قالت الخبيرة يلدز: "من غير الممكن أن تحل أي اتفاقية أو خطة عمل محل نص متطور تم إنشاؤه بخبرة طويلة اعتمدت على وثائق منظمات حقوق المرأة العالمية واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة العنف ضد المرأة وقضايا العنف وجرائم القتل ضد المرأة في تركيا، لاسيما في الوقت الذي لا تطبق فيه القوانين المتعلقة بحماية المرأة وحقوقها".
من جانبها، قالت فاطمة بينار أرسلان، عضو الهيئة التدريسية بجامعة الحضارة في إسطنبول وعضوة أكاديمية العلوم والتنوير، في تصريح خاص لوكالة "سبوتنيك"، إن "انسحاب تركيا من اتفاقية إسطنبول لا يعتبر موضوعاً حديثاً والمسألة الأساسية لا تتعلق بالانسحاب من الاتفاقية، بل هي نتاج السياسات التي تمارسها حكومة حزب العدالة والتنمية منذ 20 عاما".
تغييرات اجتماعية
وأضافت: "شهدت تركيا تغييرات اجتماعية عديدة في فترة حكم حزب العدالة والتنمية في مقدمتها التقليل من أهمية العلمانية، ولاسيما في مجال التعليم والحياة الاجتماعية، فضلا عن تخلف المجتمع بشكل عام وزيادة العداء للمرأة".
وتابعت: "إن تخلف المجتمع بشكل كلي واستخدام خطاب معادي للمرأة في المجالات السياسية والقضائية والتعليمية والإعلامية، أدى إلى تقويض الجهود التي تبذلها منظمات نسائية وشخصيات مدافعة عن حقوق المرأة ومنعتها من إحراز تقدم في حماية حقوق المرأة حتى عندما كانت اتفاقية اسطنبول سارية".
ولفتت أرسلان إلى أن تطبيق بنود اتفاقية اسطنبول كان يحتاج إلى مضاعفة الجهود في مجالات عديدة منها القضائية، بسبب عدم التزام السلطات المعنية بها، لذلك الانسحاب من الاتفاقية لم يحدث فجأة، وهي عملية مستمرة منذ زمن طويل وتعتبر جزء من محاولات حكومة حزب العدالة والتنمية لتغيير المجتمع التركي".
وأشارت إلى أن "اتفاقية اسطنبول وبنودها كانت نقطة استناد وارتكاز مهمة بالنسبة للمنظمات النسائية والمدافعين عن حقوق المرأة، ومع انسحاب الحكومة من الاتفاقية فقدت تلك المنظمات هذا السند ولكن هذا لا يعتبر نهاية، بل ستواصل هذه المنظمات كفاحها من أجل الدفاع عن المرأة".
قرار رئاسي
وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان قد أصدر، في مارس/ آذار الماضي، مرسوما يقضي بانسحاب تركيا من اتفاقية المجلس الأوروبي المعنية بوقف العنف ضد المرأة والعنف الأسري ومكافحته، والتي وقعت في 11 مايو/آيار 2011 في مدينة إسطنبول.
© AFP 2021 / ILYAS AKENGIN
وتتعهد الاتفاقية بمنع العنف الأسري ومقاضاته والقضاء عليه وتعزيز المساواة. ويرى حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا أن الاتفاقية تهدد بنية العائلة والمجتمع التركي، عبر الترويج للمثلية الجنسية.
والخميس الماضي، الأول من يوليو/ تموز، وتطبيقا لمرسوم الرئيس أردوغان، خرجت تركيا رسميا من اتفاقية اسطنبول. وفي اليوم ذاته تظاهرت آلاف النساء، في مختلف أنحاء البلاد، تنديدا بقرار الرئيس، ورددن هتافات تطالبه بالعدول عن قراره.
ورفعت المتظاهرات شعارات منها "الجرائم ضد المرأة سياسية"؛ وحملن لافتات كتب عليها: "لن نتخلى عن اتفاقية إسطنبول وهي ليست باطلة بالنسبة لنا".
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة SputnikNews ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من SputnikNews ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.