غير مصنف

أمن المناخ والمياه والغذاء بين العالم ومصر.. حوار مع وفيق نصير عن...اليوم الأحد، 14 ديسمبر 2025 11:38 صـ

تحدث الدكتور وفيق نصير عضو البرلمان العالمي للبيئة، عن أمن المناخ والمياه والغذاء بين العالم ومصر في حوار عن كوكب يقترب من حافة الخطر.

كيف ترى حالة البيئة في العالم اليوم؟

لو طلبتم منّي أن أقدّم «صورة أشعة» للكوكب اليوم فسأقول إن الأرض تعاني من متلازمة مركّبة، وليست مجرد مرض واحد. المناخ يزداد سخونة، والموارد المائية تتراجع، والأنظمة البيئية تفقد تنوّعها الحيوي بسرعة غير مسبوقة، وكل ذلك يحدث بينما عدد السكان والاستهلاك في ارتفاع مستمر. الكوكب لم يعد يحتمل نمط الإنتاج والاستهلاك الحالي، ونحن نقترب من تجاوز حدود آمنة لا رجعة بعدها.

ما الذي يقلقك أكثر في هذه اللحظة؟

أكثر ما يقلقني هو تداخل الأزمات: تغيّر المناخ لا يأتي وحده، بل يأتي معه تهديد للأمن المائي والغذائي والصحي، ومعه أيضاً حروب وصراعات تزيد التدمير وتسحب الموارد من حماية البيئة إلى صناعة السلاح.

حين تجتمع الحرارة المرتفعة مع ندرة المياه، وتدمير الأراضي الزراعية، وعدم قدرة الحكومات على تمويل التكيف، تتحول الأزمة البيئية إلى أزمة استقرار سياسي واجتماعي.

كيف ترى العلاقة بين الحروب والمخاطر البيئية، خاصة مع ما حدث في تشرنوبيل وغيرها؟

الحروب الحديثة لا تقتل البشر فقط، بل تدمّر أيضاً ما يحميهم من الكوارث البيئية. عندما يصبح مفاعل نووي أو محطة كيميائية جزءاً من ساحة المعركة، فإن الخطر لا يقتصر على دولة واحدة بل يمتد لقارات بأكملها لعقود طويلة.

العالم يحتاج إلى اتفاق دولي صارم يجرّم استهداف المنشآت النووية والكيماوية ومرافق المياه والطاقة خلال النزاعات، وأن تُعامل هذه المنشآت كـ«مناطق منزوعة السلاح البيئي» لا يُسمح بالاقتراب منها عسكرياً تحت أي ظرف.

كيف يترجم تغيّر المناخ نفسه على أرض الواقع في مصر؟

في مصر، التغير المناخي يُقرأ مباشرة على صفحة النيل والدلتا والسواحل، هناك ضغط متزايد على موارد المياه مع اقتراب نصيب الفرد من حد الندرة الشديدة، وفي الوقت نفسه تواجه دلتا النيل تهديدات من ارتفاع مستوى البحر وزيادة الملوحة وفقدان مساحات زراعية ثمينة، موجات الحرارة الشديدة وعدم انتظام الأمطار تؤثر على إنتاجية المحاصيل، وعلى الطلب على الكهرباء للتبريد، وعلى صحة المواطنين، خاصة كبار السن والأطفال والعمال في الهواء الطلق.

هل نحن أمام أزمة مياه فقط أم أزمة أوسع تشمل الغذاء والطاقة؟

نحن أمام «مثلث أزمة» يضم المياه والغذاء والطاقة معاً. أي نقص في المياه ينعكس فوراً على الزراعة، وبالتالي على أسعار الغذاء وعلى الاستيراد من الخارج وما يعنيه ذلك من ضغط على العملة والاقتصاد.

وفي نفس الوقت، زيادة الطلب على الطاقة لتكييف الحرارة أو ضخ المياه تجعل قطاع الكهرباء عبئاً إذا لم يُدار بالطاقة المتجددة وكفاءة الاستهلاك؛ لذلك لا بد أن ننظر للملفات الثلاثة كحزمة واحدة في أي استراتيجية وطنية.

ما مفهومك للعدالة المناخية، وما الذي يجب أن تطلبه الدول النامية مثل مصر؟

العدالة المناخية تعني أن من تسبّب تاريخياً في الانبعاثات ودفع الكوكب إلى هذه الحالة يجب أن يتحمّل النصيب الأكبر من تكلفة الحل، تمويلاً وتكنولوجيا، لا يمكن مطالبة دولة نامية ما زالت تكافح من أجل النمو بتقليل انبعاثاتها دون أن تتاح لها بدائل نظيفة ميسّرة.

ما تحتاجه مصر والدول المشابهة هو تمويل حقيقي للتكيف، ونقل تكنولوجيا للطاقة المتجددة والزراعة الذكية وإدارة المياه، بعيداً عن القروض الباهظة التي تزيد أعباء الديون ولا تترك مساحة للاستثمار في الإنسان والبيئة.

بصفتك عضواً في البرلمان العالمي للبيئة، ما دور التشريع في مواجهة هذه التحديات؟

القانون هو خط الدفاع الأول قبل أن تتحول الأزمة البيئية إلى كارثة، نحتاج إلى تشريعات تربط بين التخطيط العمراني والاعتبارات المناخية، وتضع معايير صارمة لاستهلاك المياه والطاقة في الصناعة والزراعة والمباني.

كما نحتاج إلى قوانين تضمن حق المواطن في هواء وماء نظيفين، وتشجع الاقتصاد الأخضر من خلال الحوافز والضرائب البيئية، وتلزم الجهات الحكومية بتقييم الأثر البيئي والمناخي قبل تنفيذ أي مشروع كبير.

ما أهم الأولويات العملية لمصر في رأيك خلال السنوات القادمة؟

أرى ثلاث أولويات واضحة.

الأولى: إدارة صارمة وذكية للمياه، تشمل تحديث نظم الري، وإعادة استخدام المياه، وتقليل الفاقد في الشبكات.

الثانية: تسريع الانتقال للطاقة المتجددة من شمس ورياح، وربط ذلك ببرامج كفاءة الطاقة في المباني والنقل والصناعة.

الثالثة: حماية الدلتا والسواحل من الغرق والملوحة عبر مشروعات هندسية متوازنة بيئياً، مع خطط لإدارة استخدامات الأرض والهجرة الداخلية المحتملة في المناطق الأكثر هشاشة.

ما دور المواطن البسيط في هذه المعركة، وهل الملف ما زال نخبوياً؟

لن ننجح إذا ظل ملف البيئة حبيس المؤتمرات والتقارير، المواطن شريك أساسي من خلال سلوكه اليومي في استهلاك المياه والكهرباء، واختياراته في النقل والغذاء والنفايات، دور الدولة هو أن تجعل السلوك الصحيح أسهل وأرخص من السلوك المضر، وأن تفتح الباب أمام مبادرات الشباب والمجتمع المدني لتتحول الأفكار الصغيرة إلى مشروعات حقيقية، عندما يشعر المواطن أن تحسين البيئة ينعكس على فاتورة الكهرباء وعلى صحته مباشرة، لن يبقى الموضوع نخبوياً.

كيف تقيّم دور الإعلام في قضايا البيئة، وما النموذج الذي تتمنى رؤيته؟

الإعلام قطع خطوات مهمة، لكن حجم التحدي أكبر كثيراً من التغطية الحالية.

أحياناً تُعرض القضايا البيئية كخبر عابر بعد النشرة، بينما هي في الحقيقة إطار يفسّر كثيراً من أزمات الاقتصاد والصحة والغذاء.

أتمنى أن أرى برامج بيئية ثابتة، ومنصات شبابية على وسائل التواصل تشرح العلم بلغة بسيطة، وتربط بين ما يحدث في المناخ وجيب المواطن وحياته اليومية، حتى يتحول الوعي من ترف فكري إلى ثقافة مجتمعية عامة.

ما رسالتك لصنّاع القرار في العالم وللشباب في مصر؟

رسالتي لصنّاع القرار أن التردد في ملف المناخ والبيئة أصبح أفدح كلفة من اتخاذ قرارات جريئة اليوم، الاستثمار في الطاقة النظيفة والتكيف مع المناخ ليس رفاهية، بل هو بوليصة تأمين لمستقبل الدول واستقرارها.

أما الشباب في مصر فأقول لهم إن معركة البيئة هي معركتهم الشخصية على صحة مستقبلية، وعلى فرص عمل في اقتصاد أخضر، وعلى وطن صالح للحياة؛ فلا تنتظروا أن تصنع السياسات من فوق فقط، بل شاركوا بالعلم، وبالمبادرات، وبالرقابة المجتمعية، وبنمط حياة يحترم هذا الكوكب وربنا يحمي مصر.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الطريق ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الطريق ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

انتبه: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة مصر اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من مصر اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا