شيخ الحارة يرتلنا وحياً ليتحلق الآباء من الجيران بعدها إنصاتاً لصوت الذكر الحكيم يرتله شيخ الحارة في مجلسنا الذي أراه كل العالم حين يضمهم (إخوانا على سرر متقابلين) والذين يجرّون روحي بخيط الحديث إلى دهاليز شتّى، لا يعنيني منها سوى صوت (حَجّي ناصر)، وهو يردد: (الشياطين مربوطة في هذا الشهر) فيقضي على نوبة الهلع التي تنتابني وأنا أجوز الدروب المظلمة، فأحمل هذه البشارة إلى رفاقي حينما نلتقي على ضفاف السهر الطويل بعد أن نتحدث عن سنن الصوم، وهل شرب الماء مع صوت الأذان جائز، و(هل بلع الريق يفطّر)؟
الألعاب الشعبية طموحنا وربما غفلنا لحظة، فانساقت خطانا خلف (لعبة الغميمة) إلى وقت متأخر من الليل، حيث يداهمنا صوت قارع الطبل المسحراتي أو أبو طبيلة الذي يرش الدروب تهليلا وتسبيحاً، فيغسل أرواحنا ونحن نحلق سرباً من الأطيار من خلفه، وكأننا نرتفع إلى الله على أصداء دعائه.
لأعود بعدها خفيفاً إلى سطح الدار، وأتمدد للراحة قليلاً على فراشي البارد مكشوفاً تحت سماء مكشوفة ترصعها النجوم التي أشعر بها تحدثني وأتحسس قربها مني أكثر من قرب أختي فاطمة التي تنأى مسافة مترين لا أكثر، وهي تعلق أمنيات العمر هائمة على حبل الغسيل.
وهنا أمي الجنة التي تحت أقدامها الجنة، فما لبثت تعجن أرغفة الدعاء وتطعم روحي، وأما أبي الذي جعل ورود الفضيلة تتفتح داخلي منذ صباي، فمنذ سبعة عشر عاماً تخلى ولم أتخلّ، فما زلتُ منذ سبعة عشر عاماً أحجز جواري كل يوم مقعداً فارغاً على مائدة الإفطار.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.